حذرت المديرة الإقليمية للدول العربية في منظمة العمل الدولية ربا جرادات، من الآثار البعيدة للبطالة على الشباب، وهي الفئة التي تكون غالباً أول من يتعرّض للصرف، وآخر من يعود الى العمل بعد التعافي.
ولفتت في حديث لـ"الأخبار"، الى أن ارتفاع معدلات البطالة غالباً ما ينتج "تنافساً سلبياً" بين العاملات والعمال على القبول بشروط وظروف عمل أقلّ من الحد الأدنى الذي أقرّه القانون، مشددة على ان "أزمة كورونا تسببت في ضرر شمل كل القطاعات من دون استثناء، بدرجة أو بأخرى. لكننا حددنا ستة قطاعات مرتفعة الخطورة، كانت قبل الأزمة تشغّل 820 ألفاً، وكانت خسارة الوظائف فيها الأعلى مقارنة بغيرها، وهي: الفنادق والمطاعم، الصناعة التحويلية، البناء، تجارة الجملة والتجزئة، العقارات والتجارة، والفنون والترفيه".
وأضافت "شكلت الأزمة رسالة تحذير واضحة بضرورة تطبيق أنظمة حماية اجتماعية شاملة للجميع. وأبرزت الجائحة أهمية نظام الضمان الاجتماعي في أوقات الأزمات، وكيف أن العمال في القطاع غير المنظم أكثر عرضةً للتسريح التعسفي، وخفض الأجور، والحرمان من ظروف عمل آمنة".
وأشارت جرادات إلى ان "موقف منظمة العمل الدولية من العمل المتدني الأجر واضح. فأجندة العمل اللائق في المنظمة تؤكد على ضرورة توفير دخل منصف في كل القطاعات والوظائف. وبعد الانخفاض في قيمة الليرة، تعدّ مستويات الأجور التي بقيت كما قبل الأزمة، غير كافية حتى لتلبية أبسط الاحتياجات الأساسية. وينطبق هذا على موظفي القطاعين العام والخاص". وأضافت "يعدّ التشغيل في القطاع العام في لبنان مسألة معقدة. ولطالما تعرّض لبنان لانتقادات بسبب غموض عملية التوظيف في القطاع العام وعدم كفاءتها. ومن شبه المؤكد في هذه المرحلة أن التشغيل في القطاع العام سيشكل جزءاً جوهرياً من جهود الإصلاح. لذا، نأمل أن تنجح الجهات المعنية، وهي في لبنان الدولة وموظفو القطاع العام، في إدارة هذه القضية المهمة بطريقة تضمن سلامة المؤسسات العامة التي ستؤدي دوراً حاسماً في إخراج البلد من أزماته الحالية".
وعن الواقع العمالي الحالي في لبنان، قالت: "عادة ما يعكس الوضع العمالي الواقع الفعلي للدولة والمجتمع. وليس سراً أن الواقع العمالي في لبنان ليس بخير منذ ما قبل الأزمة الحالية، وخصوصاً إذا أخذنا بالاعتبار صغر سوق العمل اللبناني والتشوهات البنيوية القائمة فيه؛ لجهة غلبة قطاع الخدمات وحجم العمل غير النظامي ونسبة المنشآت الصغيرة والمتناهية الصغر، وكذلك محدودية الحماية الاجتماعية للعمال، وضعف الإطار القانوني الناظم لعلاقات العمل، وبالأخص عدم احترام المبادئ والحقوق الأساسية في العمل بما في ذلك حق التنظيم والمفاوضة الجماعية. هذه الأسباب، مع أسباب أخرى، أدت إلى شلل كبير في قدرة الحركة النقابية على تطوير قدراتها عبر توسيع تمثيليّتها لتضمّ إلى صفوفها فئات من العمال لا تزال محرومة من حقوقها النقابية (كالعمال المهاجرين والموظفين في القطاع العام مثلاً) بما يمكنها من تحقيق العدالة الاجتماعية والعمل اللائق".